سورة إبراهيم - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


قوله عز وجل: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصّلاة وينفقوا مما رزَقناهم سِرًّا وعلانية} فيه وجهان:
أحدهما: يعني بالسر ما خفي، وبالعلانية ما ظهر، وهو قول الأكثرين.
الثاني: أن السر التطوع، والعلانية الفرض، قاله القاسم بن يحيى.
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن السر الصدقات، والعلانية النفقات.
{مِنْ قبل أن يأتي يومٌ، لا بَيْعٌ فيه ولا خلالٌ} فيه تأويلان:
أحدهما: معناه لا فِدية ولا شفاعة للكافر.
الثاني: أن معنى قوله {لا بيع} أي لا تباع الذنوب ولا تشتري الجنة. ومعنى قوله {ولا خِلال} أي لا مودة بين الكفار في القيامة لتقاطعهم.
ثم فيه وجهان:
أحدهما: أن الخلال جمع خلة، مثل قِلال وقُلّة.
الثاني: أنه مصدر من خاللت خِلالاً، مثل قاتلت قِتالاً. ومنه قول لبيد:
خالت البرقة شركاً في الهدى *** خلة باقية دون الخلل


قوله عز وجل: {رَبّنا إني أسكنت مِنْ ذُرِّيتي بوادٍ غير ذي زَرْعٍ} هذا قول إبراهيم عليه السلام. وقوله {مِن ذريتي} يريد بهم إسماعيل وهاجر أُمه.
{بوادٍ غير ذي زرع} يعني مكة أسكنها في بطحائها، ولم يكن بها ساكن، ثقة بالله وتوكلاً عليه.
{عند بيتك المحرم} لأنه قبلة الصلوات فلذلك أسكنهم عنده. وأضاف البيت إليه لأنه لا يملكه غيره، ووصفه بأنه محرَّم لأنه يحرم فيه ما يستباح في غيره من جماع واستحلال.
{ربّنا ليقيموا الصلاة} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون سأل الله تعالى بذلك أن يهديهم إلى إقامة الصلاة.
الثاني: أن يكون ذكر سبب تركهم فيه أن يقيموا الصلاة.
{فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} في {أفئدة} وجهان:
أحدهما: أن الأفئدة جمع فؤاد وهي القلوب، وقد يعبر عن القلب بالفؤاد، قال الشاعر:
وإنّ فؤاداً قادَني بصبابةٍ *** إليك على طول الهوَى لصَبورُ
الثاني: أن الأفئدة جمع وفد، فكأنه قال: فاجعل وفوداً من الأمم تهوي إليهم. وفي قوله: {تهوي إليهم} أربعة أوجه:
أحدها: أنه بمعنى تحن إليهم،
الثاني: أنه بمعنى تنزل إليهم، لأن مكة في واد والقاصد إليها نازل إليها،
الثالث: ترتفع إليهم، لأن ما في القلوب بخروجه منها كالمرتفع عنها.
الرابع: تهواهم. وقد قرئ تهْوَى.
وفي مسألة إبراهيم عليه السلام أن يجعل اللهُ أفئدةً من الناس تهوي إليهم قولان:
أحدهما: ليهووا السكنى بمكة فيصير بلداً محرّماً، قاله ابن عباس.
الثاني: لينزعوا إلى مكة فيحجوا، قاله سعيد بن جبير ومجاهد.
قال ابن عباس: لولا أنه قال من الناس لحجه اليهود والنصارى وفارس والروم.
{وارزقهم من الثمرات} فيه وجهان:
أحدهما: يريد ثمرات القلوب بأن تحببهم إلى قلوب الناس فيزوروهم.
الثاني: ومن الظاهر من ثمرات النخل والأشجار، فأجابه بما في الطائف من الثمار، وما يجلب إلهم من الأمصار.
{لَعَلَّهُمْ يشكرون} أي لكي يشكروك.
قوله عز وجل: {ربنا اغفر لي ولوالديَّ وللمؤمنين} وفي استغفاره لوالديه مع شركهما ثلاثة أوجه:
أحدهما: كانا حيين فطمع في إيمانهما. فدعا لهما بالاستغفار، فلما ماتا على الكفر لم يستغفر لهما.
الثاني: أنه أراد آدم وحوّاء.
الثالث: أنه أراد ولديه إسماعيل وإسحاق. وكان إبراهيم يقرأ: {رب اغفر لي ولوالدي} يعني ابنيه، وكذلك قرأ يحيى بن يعمر.


قوله عز وجل: {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون} قال ميمون بن مهران: وعيد للظالم وتعزية للمظلوم.
قوله عز وجل: {مهطعين} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: معناه مسرعين قاله سعيد بن جبير والحسن وقتادة، مأخوذ من أهطع يهطع إهطاعاً إذا أسرع، ومنه قوله تعالى: {مهطعين إلى الداع} أي مسرعين. قال الشاعر:
بدجلة دارُهُم ولقد أراهم *** بدجلة مهطعين إلى السماع
الثاني: أنه الدائم النظر لا يطرف، قاله ابن عباس والضحاك.
الثالث: أنه المطرِق الذي لا يرفع رأسه، قاله ابن زيد.
{مقنعي رءُوسهم} وإقناع الرأس فيه تأويلان:
أحدهما: ناكسي رؤوسهم بلغة قريش، قاله مؤرج السدوسي وقتادة.
الثاني: رافعي رؤوسهم، وإقناع الرأس رفْعُه، قاله ابن عباس ومجاهد، ومنه قول الشاعر:
أنغض رأسه نحوي وأقنعا *** كأنما أبصَرَ شيئاً أطمعَا
{لا يرتد إليهم طرفهم} أي لا يرجع إليهم طرفهم، والطرف هو النظر وسميت العَيْن طرْفاً لأنها بها يكون، قال جميل:
وأَقْصِرُ طَرْفي دُون جُمْل كرامةً *** لجُمْلٍ وللطرْفِ الذي أنا قاصِر
{وأفئدتهم هواءٌ} والمراد بالأفئدة مواضع القلوب، وهي الصدور.
وقوله: {هواء} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أنها تتردد في أجوافهم ليس لها مكان تستقر فيه فكأنها تهوي، قاله سعيد بن جبير ومجاهد.
الثاني: أنها قد زالت عن أماكنها حتى بلغت الحناجر، فلا تنفصل ولا تعود، قاله قتادة.
الثالث: أنها المتخرمَة التي لا تعي شيئاً، قاله مُرّة.
الرابع: أنها خالية من الخير، وما كان خالياً فهو هواء، قاله ابن عباس ومنه قول حسان:
ألا أبلِغ أبا سفيان عني *** فأنتَ مُجوَّف نخب هواء

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7